كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



492- الحَدِيث الْخَامِس:
رُوِيَ أَن عير قُرَيْش أَقبلت من الشَّام فِيهَا تِجَارَة عَظِيمَة وَمَعَهَا أَرْبَعُونَ رَاكِبًا مِنْهُم أَبُو سُفْيَان وَعَمْرو بن الْعَاصِ وَعَمْرو بن هَاشم فَأخْبر جِبْرِيل رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأخْبر الْمُسلمين فَأَعْجَبَهُمْ تلقي العير لِكَثْرَة الْخَيْر وَقلة الْقَوْم فَلَمَّا خَرجُوا بلغ أهل مَكَّة خبر خُرُوجهمْ فَنَادَى أَبُو جهل فَوق الْكَعْبَة يأهل مَكَّة النَّجَاء النَّجَاء عَلَى كل صَعب وَذَلُول عِيركُمْ وَأَمْوَالكُمْ إِن أَصَابَهَا مُحَمَّد لن تُفْلِحُوا أبدا بعْدهَا وَقد رَأَتْ أُخْت الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب رُؤْيا فَقَالَت لأَخِيهَا إِنِّي رَأَيْت عجبا كَأَن ملكا نزل من السَّمَاء فَأخذ صَخْرَة من الْجَبَل ثمَّ حلق بهَا فَلم يبْق بَيت من بيُوت مَكَّة إِلَّا أَصَابَهُ حجر من تِلْكَ الصَّخْرَة فَحدث بهَا الْعَبَّاس فَقَالَ أَبُو جهل مَا يرْضَى رِجَالهمْ أَن يتنبئوا حَتَّى تنبأ نِسَاؤُهُم فَخرج أَبُو جهل بِجمع أهل مَكَّة وهم النفير فَقيل لَهُ إِن العير أخذت طَرِيق السَّاحِل فَارْجِع بِالنَّاسِ إِلَى مَكَّة فَقَالَ لَا وَالله لَا يكون ذَلِك أبدا حَتَّى نَنْحَر الْجَزُور وَنَشْرَب الْخُمُور وَنُقِيم الْقَيْنَات وَالْمَعَازِف ببدر وَتسمع جَمِيع الْعَرَب بِمَخْرَجِنَا وَأَن مُحَمَّدًا لم يصب العير وَأَنا قد أعضضناه فَمَضَى بهم إِلَى بدر وَبدر مَاء كَانَت الْعَرَب تَجْتَمِع فِيهِ لسوقهم يَوْمًا فِي السّنة فَنزل جِبْرِيل فَقَالَ يَا مُحَمَّد إِن الله وَعدكُم إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ إِمَّا العير وَإِمَّا قُريْشًا فَاسْتَشَارَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابه وَقَالَ مَا تَقولُونَ إِن الْقَوْم خَرجُوا من مَكَّة عَلَى كل صَعب وَذَلُول فالعير أحب إِلَيْكُم أم النفير قَالُوا بل العير أحب إِلَيْنَا من لِقَاء الْعَدو فَتغير وَجه رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثمَّ ردد عَلَيْهِم فَقَالَ: «إِن العير قد مَضَت سَاحل الْبَحْر وَهَذَا أَبُو جهل قد أقبل».
فَقَالُوا يَا رَسُول الله عَلَيْك بالعير ودع الْعَدو فَقَامَ عِنْد غضب النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبُو بكر وَعمر فَقَالَا فأحسنا ثمَّ قَامَ سعد بن عبَادَة فَقَالَ انْظُر أَمرك فوَاللَّه لَو سرت إِلَى عدن مَا تخلف عَنْك رجل من الْأَنْصَار ثمَّ قَالَ الْمِقْدَاد بن عَمْرو يَا رَسُول الله امْضِ لما أَمرك الله فَإنَّا مَعَك حَيْثُمَا أَحْبَبْت لَا نقُول لَك كَمَا قَالَت بَنو إِسْرَائِيل لمُوسَى {اذْهَبْ أَنْت وَرَبك فَقَاتلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} وَلَكِن اذْهَبْ أَنْت وَرَبك فَقَاتلا إِنَّا مَعَكُمَا مُقَاتِلُونَ مَا دَامَت منا عين تطرف فَضَحِك رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثمَّ قَالَ: «أَشِيرُوا عَلّي أَيهَا النَّاس» وَهُوَ يُرِيد الْأَنْصَار لأَنهم قَالُوا لَهُ حِين بَايعُوهُ عَلَى الْعقبَة إِنَّا بُرَاء من ذِمَامك حَتَّى تصل إِلَى دِيَارنَا فَإِذا وصلت إِلَيْنَا فَأَنت فِي ذِمَامنَا نَمْنَعك مِمَّا نمْنَع مِنْهُ آبَاءَنَا وَنِسَاءَنَا فَكَأَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تخوف أَلا تكون الْأَنْصَار لَا ترَى عَلَيْهِم نصرته إِلَّا عَلَى عدوهم بِالْمَدِينَةِ فَقَامَ سعد بن معَاذ فَقَالَ لَكَأَنَّك تُرِيدنَا يَا رَسُول الله قَالَ أجل قَالَ قد آمنا بك وَصَدَّقنَاك وَشَهِدْنَا أَن مَا جِئْت بِهِ هُوَ الْحق وَأَعْطَيْنَاك عَلَى ذَلِك عُهُودنَا وَمَوَاثِيقنَا عَلَى السّمع وَالطَّاعَة فَامْضِ يَا رَسُول الله لما أردْت فوالذي بَعثك بِالْحَقِّ لَو اسْتعْرضت بِنَا هَذَا الْبَحْر فَخُضْته لَخُضْنَاهُ مَعَك لَا يتَخَلَّف منا رجل وَاحِد وَمَا نكره أَن تلقى بِنَا عدونا إِنَّا لصبر عِنْد الْحَرْب صدق عِنْد اللِّقَاء وَلَعَلَّ الله يُرِيك منا مَا تقر بِهِ عَيْنك فسر بِنَا عَلَى بركَة الله ففرح رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبسطه قَول سعد ثمَّ قَالَ: «سِيرُوا عَلَى بركَة الله وَأَبْشِرُوا فَإِن الله وَعَدَني إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ وَالله لكَأَنِّي الْآن أنظر إِلَى مصَارِع الْقَوْم».
قلت هَذَا كُله فِي سيرة ابْن هِشَام فِي غَزْوَة بدر الْكُبْرَى من قَول ابْن إِسْحَاق.
وَأخرج الطَّبَرِيّ بعضه عَن ابْن عَبَّاس وَبَعضه عَن عُرْوَة بن الزُّبَيْر وَبَعضه عَن السّديّ بِتَقْدِيم وَتَأْخِير وَزِيَادَة وَنقص.
وَذكره الثَّعْلَبِيّ ثمَّ الْبَغَوِيّ فِي تفسيريهما بِتَمَامِهِ عَن ابْن عَبَّاس وَعُرْوَة بن الزُّبَيْر وَابْن إِسْحَاق.
وَرَوَاهُ الْوَاقِدِيّ فِي كتاب الْمَغَازِي حَدثنِي مُحَمَّد بن صَالح عَن عَاصِم بن عمر بن قَتَادَة عَن مَحْمُود بن لبيد... فَذكر بعضه.
حَدثنَا عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز عَن أبان بن صَالح عَن سعيد بن الْمسيب... فَذكر بعضه مُرْسلا.
493- الحَدِيث السَّادِس:
رُوِيَ أَنه قيل لرَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِين فرغ من بدر عَلَيْك بالعير لَيْسَ دونهَا شَيْء فناداه الْعَبَّاس وَهُوَ فِي وثَاقه لَا يصلح فَقَالَ لَهُ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَلم قَالَ لِأَن الله وَعدك إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ وَقد أَعْطَاك مَا وَعدك».
قلت رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ فِي كِتَابه حَدثنَا عبد بن حميد أَنا عبد الرَّزَّاق عَن إِسْرَائِيل عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما فرغ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من بدر قيل لَهُ عَلَيْك بالعير لَيْسَ دونهَا شَيْء قَالَ فناداه الْعَبَّاس وَهُوَ فِي وثَاقه لَا يصلح قَالَ: «لم قَالَ لِأَن الله وَعدك إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ وَقد أَعْطَاك مَا وَعدك قَالَ صدقت». انْتَهَى وَقَالَ حَدِيث حسن.
وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ.
وَعَن الْحَاكِم رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة وَرَوَاهُ أَحْمد وَابْن رَاهَوَيْه وَالْبَزَّار وَعبد بن حميد وَابْن أبي شيبَة وَأَبُو يعْلى الْموصِلِي فِي مسانيدهم.
494- الحَدِيث السَّابِع:
عَن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نظر إِلَى الْمُشْركين وهم ألف وَإِلَى أَصْحَابه وهم ثَلَاثمِائَة فَاسْتقْبل الْقبْلَة وَمد يَدَيْهِ يَدْعُو «اللَّهُمَّ أنْجز لي مَا وَعَدتنِي اللَّهُمَّ إِن تهْلك هَذِه الْعِصَابَة لَا تعبد فِي الأَرْض فَمَا زَالَ كَذَلِك حَتَّى سقط رِدَاؤُهُ فَأَخذه أَبُو بكر فَأَلْقَاهُ عَلَى مَنْكِبه وَالْتَزَمَهُ من وَرَائه وَقَالَ يَا نَبِي الله كَفاك مُنَاشَدَتك رَبك فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَك مَا وَعدك».
قلت رَوَاهُ مُسلم فِي صَحِيحه فِي كتاب الْجِهَاد من حَدِيث عبد الله بن عَبَّاس عَن عمر بن الْخطاب قَالَ نظر نَبِي الله إِلَى الْمُشْركين هم ألف وَإِلَى أَصْحَابه وهم ثَلَاثمِائَة وَبضْعَة عشر رجلا فَاسْتقْبل الْقبْلَة ثمَّ مد يَدَيْهِ وَجعل يَهْتِف بيدَيْهِ مَادًّا يَدَيْهِ مُسْتَقْبل الْقبْلَة حَتَّى سقط رِدَاؤُهُ من مَنْكِبه فَأَتَاهُ أَبُو بكر فَأخذ رِدَاءَهُ فَأَلْقَاهُ عَلَى مَنْكِبه ثمَّ الْتَزمهُ من وَرَائه وَقَالَ يَا نَبِي الله كَفاك مُنَاشَدَتك رَبك فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَك مَا وَعدك فَأنْزل الله إِذْ تَسْتَغِيثُونَ ربكُم فَاسْتَجَاب لكم أَنِّي مُمِدكُمْ بِأَلف من الْمَلَائِكَة مُردفِينَ فَأَمَدَّهُمْ الله بِالْمَلَائِكَةِ مُخْتَصر.
495- الحَدِيث الثَّامِن:
رُوِيَ أَن رجلا من الْمُسلمين بَيْنَمَا هُوَ يشْتَد فِي أثر رجل من الْمُشْركين إِذْ سمع صَوت ضَرْبَة فَنظر إِلَى الْمُشرك وَقد خر مُسْتَلْقِيا وشق وَجهه فَحدث الْأنْصَارِيّ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «صدقت ذَاك من مدد السَّمَاء».
قلت هَذِه قِطْعَة من الحَدِيث الَّذِي قبله قَالَ ابْن عَبَّاس بَيْنَمَا رجل من الْمُسلمين يَوْمئِذٍ يشْتَد فِي أثر رجل من الْمُشْركين أَمَامه إِذْ سمع ضَرْبَة بِالسَّوْطِ فَوْقه فَنظر إِلَى الْمُشرك أَمَامه فَخر مُسْتَلْقِيا فَنظر إِلَيْهِ فَإِذا هُوَ قد حطم أَنفه وشق وَجهه كَضَرْبَة السَّيْف فجَاء الْأنْصَارِيّ فَحدث رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «صدقت ذَاك من مدد السَّمَاء».
496- قَوْله: عَن أبي دَاوُد الْأنْصَارِيّ ثمَّ الْمَازِني قَالَ إِنِّي لَأَتبع رجلا من الْمُشْركين لأَضْرِبهُ يَوْم بدر فَوَقع رَأسه بَين يَدي قبل أَن يصل إِلَيْهِ سَيفي.
قلت رَوَاهُ ابْن هِشَام فِي سيرته وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده والطبري وَابْن مرْدَوَيْه فِي تفسيريهما وَأَبُو نعيم فِي دَلَائِل النُّبُوَّة كلهم من حَدِيث ابْن إِسْحَاق حَدثنِي أبي إِسْحَاق بن يسَار عَن رجال من بني مَازِن بن النجار عَن أبي دَاوُد الْمَازِني وَكَانَ شهد بَدْرًا قَالَ إِنِّي لَأَتبع رجلا من الْمُشْركين يَوْم بدر... إِلَى آخِره.
497- قَوْله: عَن ابْن عَبَّاس قَالَ النعاس فِي الْقِتَال أَمَنَة من الله وَفِي الصَّلَاة وَسْوَسَة من الشَّيْطَان.
قلت لم أَجِدهُ عَن ابْن عَبَّاس وَإِنَّمَا هُوَ عَن ابْن مَسْعُود رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه فِي الصَّلَاة وَفِي تَفْسِيره أخبرنَا سُفْيَان الثَّوْريّ عَن عَاصِم عَن أبي رزين قَالَ قَالَ ابْن مَسْعُود النعاس فِي الْقِتَال أَمَنَة من الله وَفِي الصَّلَاة وَسْوَسَة من الشَّيْطَان انْتَهَى.
وَمن طَرِيق عبد الرَّزَّاق رَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره وَالطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه فِي تَرْجَمَة ابْن مَسْعُود.
وَرَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه فِي أول الْجِهَاد حَدثنَا أَبُو بكر بن عَيَّاش عَن عَاصِم عَن زر عَن عبد الله بن مَسْعُود.. فَذكره.
وَحَكَاهُ الثَّعْلَبِيّ فِي تَفْسِيره عَن ابْن مَسْعُود من غير سَنَد وَكَأن المُصَنّف حصل لَهُ وهم وجد فِي بعض التفاسير عَن عبد الله فَظَنهُ ابْن عَبَّاس.
498- الحَدِيث التَّاسِع:
رُوِيَ أَن إِبْلِيس تمثل للْمُسلمين وَكَانَ الْمُشْركُونَ سَبَقُوهُمْ إِلَى المَاء وَنزل الْمُؤْمِنُونَ فِي كثيب أعفر تَسُوخ فِيهِ الْأَقْدَام عَلَى غير مَاء فَنَامُوا فَاحْتَلَمَ أَكْثَرهم فَقَالَ لَهُم أَنْتُم يَا أَصْحَاب مُحَمَّد تَزْعُمُونَ أَنكُمْ عَلَى الْحق وَإِنَّكُمْ تصلونَ عَلَى غير وضوء وَعَلَى الْجَنَابَة وَقد عطشتم وَلَو كُنْتُم عَلَى حق مَا غَلَبَكُمْ هَؤُلَاءِ عَلَى المَاء وَمَا ينتظرون بكم إِلَّا أَن يجْهد بكم الْعَطش فَإِذا قطع الْعَطش أَعْنَاقكُم مَشوا إِلَيْكُم فَقتلُوا من أَحبُّوا وَسَاقُوا بَقِيَّتكُمْ إِلَى مَكَّة فَحَزِنُوا حزنا شَدِيدا وَأَشْفَقُوا وَأنزل الله الْمَطَر فَمُطِرُوا لَيْلًا حَتَّى جَرَى الْوَادي وَاتخذ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابه الْحِيَاض عَلَى غدْوَة الْوَادي وَسقوا الركاب وَاغْتَسلُوا وَتَوَضَّئُوا وَتَلَبَّدَ الرمل الَّذِي كَانَ بَينهم وَبَين الْعَدو حَتَّى ثبتَتْ الْأَقْدَام عَلَيْهِ.
قلت رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة من طَرِيق عُثْمَان بن سعيد الدَّارمِيّ ثَنَا عبد الله بن صَالح حَدثنِي مُعَاوِيَة بن صَالح عَن عَلّي بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى: {وَإِذ يَعدكُم الله إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ} قَالَ أَقبلت عير أهل مَكَّة تُرِيدُ الشَّام فَبلغ أهل الْمَدِينَة ذَلِك فَخَرجُوا وَمَعَهُمْ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدُونَ العير... إِلَى أَن قَالَ فَنزل النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والمسلمون وَبينهمْ وَبَين المَاء رَملَة دَعصَة وَكَانَ فَأصَاب الْمُسلمين ضعف وَألقَى الشَّيْطَان فِي قُلُوبهم الْقنُوط يوسوسهم تَزْعُمُونَ أَنكُمْ أَوْلِيَاء الله وَفِيكُمْ رَسُوله وَقد غَلَبَكُمْ الْمُشْركُونَ عَلَى المَاء وَأَنْتُم كَذَا فَأمْطر الله تَعَالَى مَطَرا شَدِيدا فَشرب الْمُسلمُونَ وَتطَهرُوا فَأذْهب الله عَنْهُم رجز الشَّيْطَان وَأصَاب الرمل الْمَطَر حَتَّى مَشَى عَلَيْهِ النَّاس وَالدَّوَاب ثمَّ سَارُوا إِلَيْهِم مُخْتَصر.
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو نعيم فِي دَلَائِل النُّبُوَّة والطبري فِي تَفْسِيره وَكَذَلِكَ ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن صَالح بِهِ... وَذكره الثَّعْلَبِيّ بِلَفْظ المُصَنّف سَوَاء من غير شكّ.
499- الحَدِيث الْعَاشِر:
قَوْله عَن ابْن عمر قَالَ خرجت سَرِيَّة وَأَنا فيهم فَفرُّوا فَلَمَّا رجعُوا إِلَى الْمَدِينَة اسْتَحْيوا فَدَخَلُوا الْبيُوت فَقلت يَا رَسُول الله نَحن الْفَرَّارُونَ فَقَالَ: «بل أَنْتُم الْعَكَّارُونَ وَأَنا فِئَتكُمْ».
وَانْهَزَمَ رجل من الْقَادِسِيَّة فَأَتَى الْمَدِينَة إِلَى عمر بن الْخطاب فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ هَلَكت فَرَرْت من الزَّحْف فَقَالَ عمر أَنا فِئَتك.
قلت الأول رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ فِي الْجِهَاد من حَدِيث يزِيد بن أبي زِيَاد عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي لَيْلَى عَن ابْن عمر أَنه كَانَ فِي سَرِيَّة من سَرَايَا النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَحَاص النَّاس حَيْصَة فَكنت فِيمَن حَاص فَلَمَّا بَرَزْنَا قُلْنَا وَكَيف نصْنَع وَقد فَرَرْنَا من الزَّحْف وَبُؤْنَا بِالْغَضَبِ فَقُلْنَا ندخل الْمَدِينَة لِنَتَثَبَّتَ فِيهَا وَنَذْهَب فَلَا يَرَانَا أحد قَالَ فَدَخَلْنَا فَقُلْنَا لَو عرضنَا أَنْفُسنَا عَلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِن كَانَت لنا تَوْبَة أَقَمْنَا وَإِن كَانَ غير ذَلِك ذَهَبْنَا قَالَ فَجَلَسْنَا لرَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبل صَلَاة الْفجْر فَلَمَّا خرج قمنا إِلَيْهِ فَقُلْنَا نَحن الْفَرَّارُونَ فَأقبل إِلَيْنَا وَقَالَ: «لَا بل أَنْتُم الْعَكَّارُونَ» قَالَ فَدَنَوْنَا فَقبلنَا يَده فَقَالَ: «أَنا فِئَة الْمُسلمين» انْتَهَى قَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث يزِيد بن أبي زِيَاد انْتَهَى.
وَرَوَاهُ أَحْمد وَابْن أبي شيبَة وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه وَالْبَزَّار وَأَبُو يعْلى الْموصِلِي فِي مسانيدهم وَرَوَاهُ البُخَارِيّ فِي كِتَابه الْمُفْرد فِي الْأَدَب وَالطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْمعرفَة.
وَلم ينصف الْمُنْذِرِيّ إِذْ عزا هَذَا الحَدِيث فِي مُخْتَصره لِابْنِ ماجة فَإِن ابْن ماجة لم يذكر مِنْهُ إِلَّا قَوْله قبلنَا يَد النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذكره فِي الْأَدَب مَعَ أَن أَصْحَاب الْأَطْرَاف بَينُوهُ وَقَالُوا إِنَّه اخْتَصَرَهُ.
وَأما الثَّانِي فَرَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه فِي أَبْوَاب الْجِهَاد فِي بَاب ذكر الْيَمَامَة حَدثنَا حُسَيْن بن عَلّي عَن زَائِدَة عَن مَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم قَالَ فر رجل من الْقَادِسِيَّة فَأَتَى عمر فَقَالَ لَهُ إِنِّي هَلَكت قَالَ وَمَا ذَاك قَالَ فَرَرْت من الزَّحْف فَقَالَ عمر أَنا فِئَتك انْتَهَى.
قَالَ الْمُنْذِرِيّ فِي حَوَاشِيه يروي حَاص بِالْحَاء وَالصَّاد الْمُهْمَلَتَيْنِ وَيروَى جَاضَ بِالْجِيم وَالضَّاد الْمُعْجَمَة فَالْأول من المحيص وَهُوَ الْمَهْرَب وَالثَّانِي قيل مَعْنَاهُ فر وَقيل عدل عَنهُ قَالَ ابْن الْقُوطِيَّة إِن مَعْنَاهُمَا وَاحِد انْتَهَى.
وَقَالَ التِّرْمِذِيّ الكار الَّذِي يفر إِلَى إِمَامه لِيَنْصُرهُ لَا يُرِيد الْفِرَار من الزَّحْف انْتَهَى.